آثار
صفحة 1 من اصل 1
آثار
من كلام الحسن البصري..
اشتهر الحسن رحمه الله بالحكم والمواعظ. والمجتمع في ذلك الوقت بدأت تنتشر فيه الحياة المادية؛ بدأ ينتشر فيه الترف، وينتشر فيه الاستغراق في الملذات والشهوات، ثم كثرت الفتوحات، وجاءت الأموال، وكثير من الناس انشغل بهذه الأموال التي جاءت من الفتوحات، وصاروا يعمِّرون العمائر، ويزرعون، ويشتغلون بالإماء والنساء ونحو ذلك، فبدأ دخـول الترف في المجتمع الإسلامي؛ فكان لا بد من قيام من يغسل القلوب، ويقوم بالوعظ، ويذكر الناس حتى لا ينشغلوا بهذه الملذات عن العمل للآخرة. فكانت كلمات الحسن البصري رحمه الله غاية في التأثير، وتقدمت طائفة من مواعظه، ونضيف إليها طائفة أخرى:
1/ كان يقول رحمه الله: [بئس الرفيقان: الدينار، والدرهم؛ لا ينفعانك حين يفارقانك] فالصديق وقت الضيق، وهذان الرفيقان؛ الدينار والدرهم بئس الرفيقان هما.. لا ينفعانك حين يفارقانك، وكذلك إذا فارق مالَه لم ينفعه، ولكن الذي تصدق به يبقى له نفعه.
2/ وقال الحسن : [يحق لمن يعلم أن الموت موردُه، وأن الساعة موعدُه، وأن القيام بين يدي الله مشهدُه أن يطول حزنه].
3/ وقال رحمه الله تعالى: [يابن آدم! عملك.. عملك، فإنما هو لحمُك ودمُك، فانظر على أي شيء تلقى عملَك، إن لأهل التقوى علامات يُعرَفون بها: صدق الحديث، والوفاء بالعهد، وصلة الرحم، ورحمة الضعفاء، وقلة الفخر والخيلاء، وبذل المعروف، وقلة المباهاة للناس، وحسن الخلق، وسعة الخَلْق مما يقرب إلى الله عز وجل].
4/ وقال رحمه الله: [يابن آدم! دينك.. دينك.. فإنما هو لحمُك ودمُك، إن يسْلَم لك دينُك يسْلَم لك لحمُك ودمُك، وإن تكن الأخرى فنعوذ بالله، فإنها نار لا تطوى، وجرح لا يبرأ، وعذاب لا ينفد أبداً، ونفس لا تموت].
5/ وقال هشام : سمعت الحسن يقول: [والله لقد أدركتُ أقواماً ما طُوِي لأحدهم في بيته ثوب قط، ولا أَمَر في أهله بصنعة طعام قط، وما جعل بينه وبين الأرض شيئاً قط، وإن كان أحدهم ليقول: لوددت أني أكلت أكلة في جوفي مثل الآجُرَّة].
6/ ويقول: [بلغنا أن الآجُرَّة تبقى في الماء ثلاثمائة سنة، ولقد أدركتُ أقواماً إن كان أحدهم ليرث المال العظيم وإنه لمجهود -شديد الجهد- فيقول لأخيه: يا أخي! إني قد علمت أنَّا ذو ميراث -وهو حلال- ولكن أخاف أن يفْسِد عليَّ قلبي وعملي فهو لك لا حاجة لي فيه، فلا يرزأ منه شيئاً أبداً، وإنه مجهود] شديد الجهد.. شديد الجوع.. شديد الحاجة.. يرث مالاً عظيماً ويعطيه لغيره!
7/ وقال أيضاً: [يابن آدم! جمعاً.. جمعاً.. في وعاء، وشداً.. شداً.. في وكاء، رَكوب الذلول، ولَبوس اللين، ثم قيل مات فأفضى والله إلى الآخرة!! إن المؤمن عَمِل لله أياماً يسيرة فوالله ما ندم أن يكون أصاب من نعيمها ورخائها، ولكن راقت الدنيا له فاستهانها وهضمها لآخرته].
8/ وقال رحمه الله تعالى: [إن أفسق الفاسقين الذي يركب كل كبيرة، ويسحب عليها ثيابه، ويقول: ليس علي بأس، سيعلم أن الله تعالى ربما عجل العقوبة في الدنيا وربما أخرها ليوم الحساب].
9/ وقال الحسن : [رحم الله رجلاً لَبِس خَلِقاً، وأكل كسرة، ولصق بالأرض، وبكى على الخطيئة، ودأب في العبادة].
10/ وقال: [يابن آدم! السِّكِّين تُحَدُّ، والكبش يعتلف، والتَّنُّور يُسْجَر]. هذا في الدنيا، إذا أراد الإنسان أن يشوي خروفاً، فإنه يسَنُّ السِّكِّين، ويعلف الكبش حتى يسمن، ويسجر التَّنُّور ليُنْضِج اللحم؛ ولكنه أيضاً يصلح مثالاً وتذكيراً للعبد في الدنيا: السِّكِّين تُحَدُّ: يعني: الموت قادم. والكبش يعتلف: الإنسان يأكل ويرتع في شهواته. والتَّنُّور يُسْجَر: يعني: جهنم.
11/ وقال مرة لشاب مر به وعليه بردة: [إِيْهٍ يابن آدم! مُعْجَبٌ بشبابه.. مُعْجَبٌ بجماله.. مُعْجَبٌ بثيابه، كأن القبر قد وارى بدنك، وكأنك لاقيت عملك، فداوِ قلبك؛ فإن حاجة الله إلى عباده صلاح قلوبهم].
12/ وسمع الحسن رجلاً يشكو إلى آخر، فقال: [أما إنك تشكو من يرحمك إلى من لا يرحمك]، كأنه يشتكي القضاء أو يشتكي القدر، فيقول له: أنت تشكو من يرحمك إلى من لا يرحمك! تشتكي القَدَر إلى المخلوق!
13/ ووصف السلف ممن سبقه، فقال: [أدركتُ من صدر هذه الأمة قوماً كانوا إذا أجَنَّهم الليل فقيامٌ على أطرافهم، يفترشون وجوههم، تجري دموعهم على خدودهم، يناجون مولاهم في فكاك رقابهم، إذا عملوا الحسنة سرَّتهم، وسألوا الله أن يقبلها منهم، وإذا عملوا سيئة ساءتهم، وسألوا الله أن يغفرها لهم].
14/ وكان يقول: [رحم الله امرءاً خلا بكتاب الله فعرض عليه نفسه -عرض نفسه على القرآن- وقارَن، فإن وافقه حَمِد ربه وسأله الزيادة من فضله، وإن خالفه اعتقب وأناب ورجع من قريب، رحم الله رجلاً وعظ أخاه وأهله، فقال: يا أهلي! صلاتكم.. صلاتكم..! زكاتكم.. زكاتكم..! جيرانكم.. جيرانكم..! إخوانكم.. إخوانكم..! مساكنكم.. مساكنكم..! لعل الله يرحمكم؛ فإن الله تبارك وتعالى أثنى على عبدٍ من عباده، فقال: وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيّاً [مريم:55] . يابن آدم! كيف تكون مسلماً ولم يسلم منك جارك؟! وكيف تكون مؤمناً ولم يأمنك الناس؟!].
15/ وقال الحسن رحمه الله حاكياً إخلاص السلف/: كان الرجل يتعبد عشرين سنة لا يشعر به جاره، وأحدهم يصلي ليلة أو بعض ليلة فيصبح وقد استطال على جاره، يعقد مقارنة ويقول: من مضى كان الواحد منهم يصلي ويعبد الله عشرين سنة وجاره لا يحس أنه قام ليلة أو أنه كان يتعبد، واليوم الواحد منا يصلي ليلة أو بعض ليلة وتراه وقد استطال على جاره، وإن كان القوم ليجتمعون فيتذاكرون -مجموعة يجلسون يذكرون الله تعالى ويقرءون كتاب الله- فتجيء الرجلَ عبرتُه -الدمع يسبقه- فيردها ما استطاع -أي: حتى لا يظهر أمام الناس أنه خاشع ومتأثر- فإن غُلب قام عنهم، حتى لا يكون مظهراً للتأثر أمامهم.
16/ وعاد الحسن رحمه الله عليلاً قد شفي من علته، فأراد أن يعظه، فقال: [أيها الرجل! إن الله قد ذكرك فاذكره، وقد أقالك فاشكره، ثم قال: إنما المرض ضربة سوط من ملَك كريم، فإما أن يكون العليل بعد المرض فرساً جواداً، وإما أن يكون حماراً عثوراً عقوراً] فالمرض هذا كضربة سوط على الدابة، فإما أن تنفع في الدبة فتجعلها تجري وتعدو، وإما ألا تكون الدابة مِمَّا ينتفع بالضرب فتكون عثورة عقورة؛ ولذلك شبَّهه بهذا، والعبد إذا أصابه المرض إما أنه يتعظ ويجعل سيره إلى الله حثيثاً بعد المرض، يحمد الله أن شفاه منه، وإلا فإن المرض لن ينفعه ولن يزيده إلا غفلة.
17/ وقال: [المؤمن في الدنيا كالغريب، لا ينافس غيره فيها ولا يجزع من ذلها، للناس حال وله حال، الناس منه في راحة ونفسه منه في شغل]. وقال أيضاً في الإنفاق في سبيل الله: [من أيقن بالخُلْف جاد بالعطية] إذا أيقنت أن كلَّ ما ستنفـقه فإنه معوَّضٌ ومـخلوف عليك به فإنك ستجود، [من أيقن بالخُلْف جاد بالعطية ].
19/ وقال الحسن للمغيرة التميمي : [إن مَن خوَّفك حتى تلقى الأمن خيرٌ لك مِِمَّن أمَّنك حتى تلقى الخوف] فإذا جاء واحد وخوفك بالله وباليوم الآخر فلا تتضايق منه، هذا الذي يخوفك الآن في الدنيا حتى تلقى الأمن يوم القيامة أفضل من الذي يأتي ويعطيك من أنواع الأمل والفسحة، ويحدثك عن أشياء تأمنك حتى تلقى خوفاً، صحيحٌ أنك في الدنيا تسر به وبكلامه والجلوس إليه، ولكن ما الخير إذا كنت في الآخرة ستلقى الخوف؟!
20/ وقال: [كان فيمَن كان قبلكم أرق منكم قلوباً، وأصفق ثياباً -ثيابهم أسمك، ليس عندهم ثياب ناعمة، ثياب سميكة، ولكن قلوب رقيقة- وأنتم أرق ثياباً وأصفق منهم قلوباً]، وأنتم -يقول لجيله ومن معه- بالعكس: ثيابكم رقيقة لينة؛ ولكن القلوب صفيقة.
21/ وقال الحسن أيضاً وهو من كلامه في الأدب: في الطعام اثنتا عشرة خصلة: أربع فريضة، وأربع سنة، وأربع أدب:
أما الفريضة ( الواجبة ): 1- التسمية. 2- استطابة الأكل، فلا بد أن يكون الطعام حلالاً. 3- الرضا بالموجود. 4- الشكر على النعمة.
وأما السنة: 1- الجلوس على الرجل اليمنى. 2- الأكل من بين يدي الآكل. أي: يأكل مما يليه ولا يتعدى إلى ما يلي غيره. 3- تناول الطعام بثلاثة أصابع باليد اليمنى. هذا إذا كان مِمَّا يؤكل كالثريد، أما المرق فيشرب شرباً. 4- لعق الأصابع.
وأما الأدب: 1- غسل اليد قبل الطعام وبعده. 2- تصغير اللقم. 3- إجادة المضغ. 4- صرف البصر عن وجوه الآكلين؛ فليس من الأدب أن ينظر إلى وجوه الآكلين وهم يأكلون أثناء الطعام.
اشتهر الحسن رحمه الله بالحكم والمواعظ. والمجتمع في ذلك الوقت بدأت تنتشر فيه الحياة المادية؛ بدأ ينتشر فيه الترف، وينتشر فيه الاستغراق في الملذات والشهوات، ثم كثرت الفتوحات، وجاءت الأموال، وكثير من الناس انشغل بهذه الأموال التي جاءت من الفتوحات، وصاروا يعمِّرون العمائر، ويزرعون، ويشتغلون بالإماء والنساء ونحو ذلك، فبدأ دخـول الترف في المجتمع الإسلامي؛ فكان لا بد من قيام من يغسل القلوب، ويقوم بالوعظ، ويذكر الناس حتى لا ينشغلوا بهذه الملذات عن العمل للآخرة. فكانت كلمات الحسن البصري رحمه الله غاية في التأثير، وتقدمت طائفة من مواعظه، ونضيف إليها طائفة أخرى:
1/ كان يقول رحمه الله: [بئس الرفيقان: الدينار، والدرهم؛ لا ينفعانك حين يفارقانك] فالصديق وقت الضيق، وهذان الرفيقان؛ الدينار والدرهم بئس الرفيقان هما.. لا ينفعانك حين يفارقانك، وكذلك إذا فارق مالَه لم ينفعه، ولكن الذي تصدق به يبقى له نفعه.
2/ وقال الحسن : [يحق لمن يعلم أن الموت موردُه، وأن الساعة موعدُه، وأن القيام بين يدي الله مشهدُه أن يطول حزنه].
3/ وقال رحمه الله تعالى: [يابن آدم! عملك.. عملك، فإنما هو لحمُك ودمُك، فانظر على أي شيء تلقى عملَك، إن لأهل التقوى علامات يُعرَفون بها: صدق الحديث، والوفاء بالعهد، وصلة الرحم، ورحمة الضعفاء، وقلة الفخر والخيلاء، وبذل المعروف، وقلة المباهاة للناس، وحسن الخلق، وسعة الخَلْق مما يقرب إلى الله عز وجل].
4/ وقال رحمه الله: [يابن آدم! دينك.. دينك.. فإنما هو لحمُك ودمُك، إن يسْلَم لك دينُك يسْلَم لك لحمُك ودمُك، وإن تكن الأخرى فنعوذ بالله، فإنها نار لا تطوى، وجرح لا يبرأ، وعذاب لا ينفد أبداً، ونفس لا تموت].
5/ وقال هشام : سمعت الحسن يقول: [والله لقد أدركتُ أقواماً ما طُوِي لأحدهم في بيته ثوب قط، ولا أَمَر في أهله بصنعة طعام قط، وما جعل بينه وبين الأرض شيئاً قط، وإن كان أحدهم ليقول: لوددت أني أكلت أكلة في جوفي مثل الآجُرَّة].
6/ ويقول: [بلغنا أن الآجُرَّة تبقى في الماء ثلاثمائة سنة، ولقد أدركتُ أقواماً إن كان أحدهم ليرث المال العظيم وإنه لمجهود -شديد الجهد- فيقول لأخيه: يا أخي! إني قد علمت أنَّا ذو ميراث -وهو حلال- ولكن أخاف أن يفْسِد عليَّ قلبي وعملي فهو لك لا حاجة لي فيه، فلا يرزأ منه شيئاً أبداً، وإنه مجهود] شديد الجهد.. شديد الجوع.. شديد الحاجة.. يرث مالاً عظيماً ويعطيه لغيره!
7/ وقال أيضاً: [يابن آدم! جمعاً.. جمعاً.. في وعاء، وشداً.. شداً.. في وكاء، رَكوب الذلول، ولَبوس اللين، ثم قيل مات فأفضى والله إلى الآخرة!! إن المؤمن عَمِل لله أياماً يسيرة فوالله ما ندم أن يكون أصاب من نعيمها ورخائها، ولكن راقت الدنيا له فاستهانها وهضمها لآخرته].
8/ وقال رحمه الله تعالى: [إن أفسق الفاسقين الذي يركب كل كبيرة، ويسحب عليها ثيابه، ويقول: ليس علي بأس، سيعلم أن الله تعالى ربما عجل العقوبة في الدنيا وربما أخرها ليوم الحساب].
9/ وقال الحسن : [رحم الله رجلاً لَبِس خَلِقاً، وأكل كسرة، ولصق بالأرض، وبكى على الخطيئة، ودأب في العبادة].
10/ وقال: [يابن آدم! السِّكِّين تُحَدُّ، والكبش يعتلف، والتَّنُّور يُسْجَر]. هذا في الدنيا، إذا أراد الإنسان أن يشوي خروفاً، فإنه يسَنُّ السِّكِّين، ويعلف الكبش حتى يسمن، ويسجر التَّنُّور ليُنْضِج اللحم؛ ولكنه أيضاً يصلح مثالاً وتذكيراً للعبد في الدنيا: السِّكِّين تُحَدُّ: يعني: الموت قادم. والكبش يعتلف: الإنسان يأكل ويرتع في شهواته. والتَّنُّور يُسْجَر: يعني: جهنم.
11/ وقال مرة لشاب مر به وعليه بردة: [إِيْهٍ يابن آدم! مُعْجَبٌ بشبابه.. مُعْجَبٌ بجماله.. مُعْجَبٌ بثيابه، كأن القبر قد وارى بدنك، وكأنك لاقيت عملك، فداوِ قلبك؛ فإن حاجة الله إلى عباده صلاح قلوبهم].
12/ وسمع الحسن رجلاً يشكو إلى آخر، فقال: [أما إنك تشكو من يرحمك إلى من لا يرحمك]، كأنه يشتكي القضاء أو يشتكي القدر، فيقول له: أنت تشكو من يرحمك إلى من لا يرحمك! تشتكي القَدَر إلى المخلوق!
13/ ووصف السلف ممن سبقه، فقال: [أدركتُ من صدر هذه الأمة قوماً كانوا إذا أجَنَّهم الليل فقيامٌ على أطرافهم، يفترشون وجوههم، تجري دموعهم على خدودهم، يناجون مولاهم في فكاك رقابهم، إذا عملوا الحسنة سرَّتهم، وسألوا الله أن يقبلها منهم، وإذا عملوا سيئة ساءتهم، وسألوا الله أن يغفرها لهم].
14/ وكان يقول: [رحم الله امرءاً خلا بكتاب الله فعرض عليه نفسه -عرض نفسه على القرآن- وقارَن، فإن وافقه حَمِد ربه وسأله الزيادة من فضله، وإن خالفه اعتقب وأناب ورجع من قريب، رحم الله رجلاً وعظ أخاه وأهله، فقال: يا أهلي! صلاتكم.. صلاتكم..! زكاتكم.. زكاتكم..! جيرانكم.. جيرانكم..! إخوانكم.. إخوانكم..! مساكنكم.. مساكنكم..! لعل الله يرحمكم؛ فإن الله تبارك وتعالى أثنى على عبدٍ من عباده، فقال: وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيّاً [مريم:55] . يابن آدم! كيف تكون مسلماً ولم يسلم منك جارك؟! وكيف تكون مؤمناً ولم يأمنك الناس؟!].
15/ وقال الحسن رحمه الله حاكياً إخلاص السلف/: كان الرجل يتعبد عشرين سنة لا يشعر به جاره، وأحدهم يصلي ليلة أو بعض ليلة فيصبح وقد استطال على جاره، يعقد مقارنة ويقول: من مضى كان الواحد منهم يصلي ويعبد الله عشرين سنة وجاره لا يحس أنه قام ليلة أو أنه كان يتعبد، واليوم الواحد منا يصلي ليلة أو بعض ليلة وتراه وقد استطال على جاره، وإن كان القوم ليجتمعون فيتذاكرون -مجموعة يجلسون يذكرون الله تعالى ويقرءون كتاب الله- فتجيء الرجلَ عبرتُه -الدمع يسبقه- فيردها ما استطاع -أي: حتى لا يظهر أمام الناس أنه خاشع ومتأثر- فإن غُلب قام عنهم، حتى لا يكون مظهراً للتأثر أمامهم.
16/ وعاد الحسن رحمه الله عليلاً قد شفي من علته، فأراد أن يعظه، فقال: [أيها الرجل! إن الله قد ذكرك فاذكره، وقد أقالك فاشكره، ثم قال: إنما المرض ضربة سوط من ملَك كريم، فإما أن يكون العليل بعد المرض فرساً جواداً، وإما أن يكون حماراً عثوراً عقوراً] فالمرض هذا كضربة سوط على الدابة، فإما أن تنفع في الدبة فتجعلها تجري وتعدو، وإما ألا تكون الدابة مِمَّا ينتفع بالضرب فتكون عثورة عقورة؛ ولذلك شبَّهه بهذا، والعبد إذا أصابه المرض إما أنه يتعظ ويجعل سيره إلى الله حثيثاً بعد المرض، يحمد الله أن شفاه منه، وإلا فإن المرض لن ينفعه ولن يزيده إلا غفلة.
17/ وقال: [المؤمن في الدنيا كالغريب، لا ينافس غيره فيها ولا يجزع من ذلها، للناس حال وله حال، الناس منه في راحة ونفسه منه في شغل]. وقال أيضاً في الإنفاق في سبيل الله: [من أيقن بالخُلْف جاد بالعطية] إذا أيقنت أن كلَّ ما ستنفـقه فإنه معوَّضٌ ومـخلوف عليك به فإنك ستجود، [من أيقن بالخُلْف جاد بالعطية ].
19/ وقال الحسن للمغيرة التميمي : [إن مَن خوَّفك حتى تلقى الأمن خيرٌ لك مِِمَّن أمَّنك حتى تلقى الخوف] فإذا جاء واحد وخوفك بالله وباليوم الآخر فلا تتضايق منه، هذا الذي يخوفك الآن في الدنيا حتى تلقى الأمن يوم القيامة أفضل من الذي يأتي ويعطيك من أنواع الأمل والفسحة، ويحدثك عن أشياء تأمنك حتى تلقى خوفاً، صحيحٌ أنك في الدنيا تسر به وبكلامه والجلوس إليه، ولكن ما الخير إذا كنت في الآخرة ستلقى الخوف؟!
20/ وقال: [كان فيمَن كان قبلكم أرق منكم قلوباً، وأصفق ثياباً -ثيابهم أسمك، ليس عندهم ثياب ناعمة، ثياب سميكة، ولكن قلوب رقيقة- وأنتم أرق ثياباً وأصفق منهم قلوباً]، وأنتم -يقول لجيله ومن معه- بالعكس: ثيابكم رقيقة لينة؛ ولكن القلوب صفيقة.
21/ وقال الحسن أيضاً وهو من كلامه في الأدب: في الطعام اثنتا عشرة خصلة: أربع فريضة، وأربع سنة، وأربع أدب:
أما الفريضة ( الواجبة ): 1- التسمية. 2- استطابة الأكل، فلا بد أن يكون الطعام حلالاً. 3- الرضا بالموجود. 4- الشكر على النعمة.
وأما السنة: 1- الجلوس على الرجل اليمنى. 2- الأكل من بين يدي الآكل. أي: يأكل مما يليه ولا يتعدى إلى ما يلي غيره. 3- تناول الطعام بثلاثة أصابع باليد اليمنى. هذا إذا كان مِمَّا يؤكل كالثريد، أما المرق فيشرب شرباً. 4- لعق الأصابع.
وأما الأدب: 1- غسل اليد قبل الطعام وبعده. 2- تصغير اللقم. 3- إجادة المضغ. 4- صرف البصر عن وجوه الآكلين؛ فليس من الأدب أن ينظر إلى وجوه الآكلين وهم يأكلون أثناء الطعام.
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى